الأنبا مكاري والصلاة الدائمة
v كان منذ صغره عاشقاً للصلاة ويجد سعادته في إتمام صلواته وقانونه الروحي حتى عندما كان طفلاً لا يتعدى عمره خمس سنوات وجدته أمه في حديقة جدته راكعاً ومغلق العينين وكأنه مفرز لحياة الصلاة قبل أن ينضج روحياً...
v وكان المتنيح عجيباً في الجمع بين الخدمة والصلاة المستمرة ، لا يضيع وقته في أشياء لا تعنيه ولا تعني خدمته.
v وكم من مشاكل وضيقات وأمراض انتهت بصلوات الأنبا مكاري.
v فكان عندما يركب سيارته لا تستطيع أن تتحدث معه أو تكلمه في أي موضوع إلا بعد انتهاء صلواته التي تستمر أكثر من ساعة وبعدها يبتسم ابتسامة لطيفة ويبادلك الحديث ...
v لم ير الأنبا مكاري يوماً في حياته بدون صلاة لدرجة أنه يصلي قبل وبعد الأكل عند رفع سماعة التليفون ، أو طلب مكالمة ومقابلة أحد وقبل وبعد الاعتراف.
معجزة عن الصلاة
v تذكر احد السيدات انه في أواخر سنة 1992 كان ابني مينا يبلغ عامين من العمر وقد أصيب في أحد الأيام بضيق في التنفس ولون وجهه يميل إلى الأزرق ، ذهبنا إلى أكثر من طبيب ولكن بدون جدوى ، فذهبنا إلى الكنيسة وسألنا عن أبينا مكاري فقيل لنا أنه يوم الاثنين وأن أبانا يكون معتكف في خلوة لا يقابل أحد أو يتصل به أحد.
v ولكن أبانا الحنون أحس بشفافيته بنا وبوجودنا فأطل من قلايته أعلى الكنيسة وناداني هات مينا وتعالى فوق.
v وصعدت أنا ومينا على ذراعي فأخذ أبينا الحنون يداعبه بكلماته الرقيقة.
v وطلب مني أن اجلس مينا على الكرسي وطلب مني أبينا أن نصلي صلاة الغروب معاً وقرب نهاية الصلاة بدأ مينا يتحرك وعندما انتهى أبينا من الصلاة كان مينا واقفاً على قدميه ونزلت أنا ومينا محاطين بالدعوات ومينا ينزل على السلم بسرعة .. له المجد في قديسيه.
أنبا مكاري زهده وتقشفه:
v أيقن أبينا المتنيح بزوال العالم فخلع عنه كل ما يربطه بالعالم منذ صغره فلم يهتم بأكل وشرب ولبس ومكانة ووضع اجتماعي.
v زهد في مركزه الكنسي كأسقف فلم يقبل أن تقدم له ميطانية بل كان يبادل من يفعل هذا بمطانية ، ولا يرضى أن أحداً يقبل يديه وكان يعامل كل الشعب أنه واحد منهم.
v لم يجلس على كرسي الأسقفية إلا مرة واحدة عند تجليسه ولم يكن يرضى أن تقال له الألحان الخاصة بالأب الأسقف.
الأنبا مكاري والعطاء:
v الأنبا مكاري كان موهوباً في فضيلة العطاء لم يبخل بشيء بل كان يعطي بسخاء.
v فإذا احتاج شخص شيئاً وهو ليس معه فتجده يصلي كثيراً فيأتي من يطرق بابه ويقول له : "خذ يا سيدنا هذا المبلغ" ويفتح المظروف ويجده هو المبلغ المطلوب.
أنبا مكاري والتعب:
v كانت أيام نسكياته سبب بركة له وأثناء وجوده في دير أنبا مقار كان يعمل عمله الخاص بإتقان شديد ووقت راحته يذهب لإخوته الرهبان ليريحهم.
"من تعب نفسه يرى ويشبع" (اش 53:11)
الأنبا مكاري والتدقيق:
v كان مدققاً لأنه يحاسب نفسه بشدة عن كل أمر يصدر منه ، كلمة كانت أو هفوة صغيرة ويقدم توبة بدموع عن كل هذه الهفوات.
v ومن تدقيقه أيضاً حين يسأل عن أمر لا يجيب بسرعة بل يصمت ولعله يصلي في داخله ليتسلم الإجابة من الرب مباشرة.
الأنبا مكاري وحق المسيح:
v كل من تعامل مع سيدنا الأنبا مكاري رأى فيه الوداعة والمحبة والبساطة وفي ذات الوقت رأى الحزم والجدية وحق المسيح المعلن لكل الناس . وله قناعة عاش بها وتألم لأجلها أنه لا يجامل على حساب الحق مهما كان الموقف أو الشخص لا يسمح بيد تمتد لتعطل عمل الرب.
v وكان لا يهاب أحداً مهما كانت سلطته وتجده يقف أمام الرؤساء عارضاً قضيته بكل حزم مطالباً حق المسيح."لا ترتع من وجوههم لئلا أريعك أمامهم" (إر17:1).
الصلاة مع السمائيين
v المرة الأولى التي رأيت فيها نيافة الأنبا مكاري كانت أثناء تأدية فترة خلوة روحية بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وذهبت لحضور القداس الإلهي بكنيسة الملاك ميخائيل بالحصن ودخل راهب بسيط صلى مزامير باكر ثم راجع ذكصولوجية باكر مع الشماس ثم بدأ قداسه السمائي حيث أنه طوال فترة القداس كانت عيناه مرفوعتين للسماء لا يظهر منه سوى البياض إلى جانب غزارة الدموع المنسابة من عينيه طوال فترة القداس وقد غلبني النعاس أثناء القداس وبعد فترة قمت ووجدت نفس المشهد لم يتغير ونفس الحياة السمائية مستمرة حتى نهاية القداس الذي سألت في نهايته (أبينا مين ده) فكان الرد نيافة الأنبا مكاري.
الراهب فيلوباتير السرياني
دير السريان
24 أكتوبر 2000