استشهــــاد القديـس
كانت دمياط في هذه الأيام مدينة كبيرة تعد ثاني بلد بالإقليم المصري بعد القاهرة وذلك بحسب تقدير كلوت بك في كتابه ( لمحة عامة عن مصر عام 1830 ) . وتم في عصره بداية توسيع ميناء الإسكندرية وحفر ترعة المحمودية عام 1830 م فدب العمل في مدينة الإسكندرية ، وقد هاجر قديسنا إلى الإسكندرية ولم يحضر إلى دمياط كثيراً فكان يحضر لاستلام الأخشاب من الجمرك الذي كان يلتزم به حنا فخر الدمياطي السوري الأصل ، وكان هناك عدداً ليس بقليل من اليهود المقيمين بدمياط وكان لهم معبداً بوكالة الصالون ( آل إلى جامع ما زال إلى اليوم خراباً ) وكان معظم سكان حارة النصارى من المسيحيين يسكن بينهم بعض الأسر الإسلامية التي كانت تعيش جنباً إلى جنب معهم وكان أبرز قساوسة الكنيسة الرومية ( القس جبرائيل وهبة بدمياط ) .
وأما كهنة الكنيسة القبطية فكان منهم القمص يوسف ميخائيل والقمص حنا يوسف . وكان ميخائيل سرور بك قنصلاً لست دول على الثغر سنة 1840م وهو رومي الأصل وكان عدد الأسر للروم الأرثوذكس نحو مائتي أسرة وحوالي 25 أسرة من الكاثوليك ، 20 أسرة من الأقباط . لكن الوضع تغير الآن حيث أرتفع عدد الأقباط الوطنيين ولم يتبق اليوم سوى عدد أفراد قلائل من الروم وقد أنضم الكل إلى طائفة الأقباط .
ظروف استشهاد مارسيدهم
يبدو أن جو دمياط الاجتماعي كان سيئاً منذ بداية عصر محمد على حيث كانت منفى لكثيرين من السياسيين وسجناً للجنود الألبانيين وغيرهم .. الذين كانوا يسيئون معاملة الأقباط ظناً منهم أن لهم صلة بالصليبيين ، ويتضح ذلك بالأكثر مما حكاه التقرير المقدم للخديوي في ذلك الحين ونقتصر منه على بعض الحوادث التي ربما عجلت بحادثة القديس مار سيدهم بيشاى
1- حادثة فى نفس الشهر
حدث قبل استشهاد القديس مارسيدهم بيشاى بنحو أسبوعين حيث حضر رجل أرمني صنعته دخاخنى بثغر الإسكندرية قام باستئجار محل بوكالة بدر الدين للتجارة ، ولكن لما رأى ضيق الحال أراد أن يهاجر خارج الديار المصرية ولم يكن له تذكرة الخروج ، وحاول الحصول عليها باطلاً مما أضطره بدافع من كثيرين أن يقدم طلب إسلامه للمحافظة الذي أسرع بالموافقة فصارت له زفة كبيرة في شوارع بالطبول والزمر والبارود ، حيث أركبوه على حصان وكانوا يطفون به البلدة ويرجمون بيوت المسحيين بالحجارة ويهللوا عليهم ... كل هذا أثر في الجو العام للبلدة وعجل فيما بعد بحادثة القديس مارسيدهم بيشاى .
2- حادثة المعلم إلياس الرومى
بعد تلك الحادثة بعدة أيام كان المعلم إلياس يوسف باش كاتب شئون الأصناف خارجاً من بيته صباحاً ومتوجهاً إلى محل عمله فصادف في الطريق ولد شرير ظل يسير وراءه متحركاً بالشتائم الرديئة وكان يسبه بدينه وقد أنضم إلى الولد أيضاً آخرين ، وأبتدأوا يرجمون المعلم بالحجارة أخيراً تحركت الغيرة في المعلم إلياس وأراد أن يضرب الولد ففر هارباً لكنه توجه إلى المحكمة وأشتكى عليه زوراً " إن النصراني ضربني بالكف " ، فحالاً استدعاه القاضي وأرسل معه مكتوباً إلى المحافظ ليعرضوا عليه الإسلام ... ولكن لما أحضروه أمام المحافظ دبرت العناية الإلهية وجود الخواجة فرنسيس دبانة والخواجة يعقوب يكن وغيرهما من كبراء القناصل ولولا وجودهم لحدث له الكثير من العذاب والضرب وربما إنتهى إلى القتل .
3- حادثة باسيلى الخولى الرومي
بعد الحادثة السابقة بنحو أسبوع كان باسيلى الخولى وهو يسافجى بطرف قنصليات دولة النمسا وله طرف درويش التاجورى دراهم ، ولما أحتاجها جاء يطلبها منه . لكن درويش فاجأه بالشتائم الصعبة وقال له : " يا ملعون ليس لك عندي شئ " ، ولما قال له الخواجة باسيلى : " لماذا تشتمني ، أنا بطالب فقط بحقي " ... فما كان من درويش أن قام عليه وصفعه بالكف على وجهه ثم انهال عليه بالعصي على رأسه ، وبعدها تجمع خمس من عبيده وأوسعوه ضرباً .. ثم أرسل درويش قواصاً من طرف المحافظ وإدعى علي باسيلى أنه هو الذي ضربه وأحضر شهود زور كما هو جارى العادة ، مع أن الخواجة باسيلى رجل هادئ الطبع جداً ولم يسمع عنه قط أنه تشاجر مع أحد بالبلدة .
4- حادثة القديس مارسيدهم بيشاى
حدث بعد يومين من الحادثة السابقة فى شهر مارس سنة 1844م ، كان القديس مارسيدهم بيشاى يقضى بعض الوقت بالثغر نازلاً طرف أخيه بمنية دمياط بحارة النصارى وقد يطول الوقت منظراً فيه قدوم الأخشاب ... وطوال الفترة كان شغله الشاغل هو خدمة الكنيسة القبطية بدمياط وكان يذهب إليها ماشياً على الأقدام .
وفى يوم 21 مارس كان ماراً بطريق الكنيسة التى كانت مدافن الأقباط فى ذلك الوقت وكانت مسورة بسور كبير وكانت الكنيسة صغيرة لا تزيد عن قاعة متوسطة الحجم وكان من يذهب إلى الصلاة يذهب فى حذر وتخفى ، وكانوا يقولون بعضهم للبعض الآخر : " أنا ذاهب للسور " .
أما القديس مارسيدهم بيشاى فكان يذهب بشجاعة إلى الكنيسة مرات ، مما أثار عليه حنق بعض الأشرار فدبروا طريقة لمنعه . وبينما هو سائر فى طريقه بحارة الكنيسة إحتك به أحد الأشخاص غير المسحيين وطفق يمنعه من المسير إلى الكنيسة لكن القديس مارسيدهم بيشاى لم يعبأ به ولم يلتفت إلى أمره ( كان قد أمره قائلاً : إشمل يا نصرانى ) مما أثار سخط هذا الشرير ، فهاج وثار بالشتائم الردية حتى تجمهر حوله بعض الغوغاء والصبية ... وتصادف مرور مفتى البلدة فسألهم عن السبب ، فأخبروهم كذباً بالأمر مدعين على القديس مارسيدهم بيشاى زوراً ووجهوا إليه أتهامات باطلة خاصة بالدين فجعل المغتى يستشيط غضباً وغيظاً وصرخ قائلاً : " كيف تقولون أن الرجل النصرانى إستخف بالإسلام والمسلمبن وتطاول على نبيهم المرسل ؟!! " .
محاكمة القديس زوراً
أخذ المفتى من تلك الزمرة شاهداً زوراً وتوجها إلى المحكمة وبواسطتهما أثبتوا الإدعاءات الكاذبة على القديس مارسيدهم بيشاى ، الذى كان رجلاً كاملاً يزيد عمره على الأربعين عاماً هادئ الطبع مملوءاً محبة للجميع ومشهوداً له بالحلم والروية وسعة الصدر والورع ولا يمكن أن يتفوه بمثل ما نسب إليه ، وقد أمرت المحكمة بإحضاره من الكنيسة فمروا به على شارع السوق ، وفى أثناء مروره بالطريق كان يضرب ويهان من كل من صادفه فى الطريق وعندما يعلمون أمره كان ينهلون عليه بالضرب بالجريد على ظهره وعلى رجليه ونتفوا نصف لحيته ونصف شاربه بقصد الأستهزاء به وظلوا فى إضطهادهم لهم حتى مثل أمام القاضى الذى لم ينتهرهم ليسكتوا .
دفاع صديقه عنه
وتصادف مرور أحد أصدقائه وهو المعلم بانوب فرح إبراهيم وكان رجلاً شهماً ذا مكانة مرموقة بالبلدة فتدخل آملاًَ إنقاذ صديقه حيث قال للجمع : " أما كفاكم ضربه أفتجرونه أيضاً على وجهه !! " ، فحالاً ألتصقوا به أيضاً ولم ينج من أذاهم إذ قامت الجموع عليه وأوسعوه ضرباً بالجريد على رأسه كونه تكلم بهذا الكلام , وتذكر المخطوطة أنه كان ما يزال مريضاً من الضرب والرعب ولم تمض أيام على حالته هذه إلا وتنيح وقد وجد جسده مدفوناً أسفل جسد القديس مارسيدهم بيشاى .
شهادة القديس أمام القاضى
أحضروا القديس أمام القاضى وبعد الضرب والتهديد ظنوا أنه ينثنى أو يستكين لكنه ثبت فى إيمانه ، فأصدر القاضى هذا الحكم : " من حيث أن المدعو سيدهم سب الدين الإسلامى وتطاول على حضرة النبى فقد حكمت المحكمة إما بخوله الإسلام فيشفع له أو قتله فوراً . ولكن القديس محب الإله تعجب من طلبهم ولم يجب إلا بالرفض حينئذ خلع الحاضرون أحذيتهم وضربوه على وجهه حتى سال منه الدم .
القديس داخل سجن المحكمة
تركوه داخل سجن المحكمة ينتظر مصيره المحتوم إلى حين يفكروا فيما سيعملون له ؟!
وكان هذا اليوم مخوفاً فى المدينة لتجمهر الرعاع من الشعب بلا ضابط ، حيث أحدثوا شغباً عظيماً ولم يستطع أحد من المسحيين أن يخرج من عقر داره . كما أنه لم يتدخل أحد من كبار القوم فى المدينة ليصرفوا الجمع الذين كانول يهتفون : " يقتل النصرانى الملعون " والآخرون يحرق ... وآخرون يشنق . وهم قوم منهم ليحضروا حطباً ليحرقوه عند الكنيسة والبعض كانوا يقولون عقبال باقى النصارى
القديس يشهد أمام المحافظ
فى اليوم التالى أجتمع كل الجماعة بديوان المحافظة بحضور المحافظ ( خليل أغا ) والشيخ على خفاجة والشيخ البدرى ونقيب الأشراف والقاضى والتجار وبقية المشايخ وميرلاى الرديف ، وأرسلوا بعض العسكر مع البكباشى ( مصطفى فطين ) . فأحضروا القديس سيدهم من السجن مقيداً بالضرب والإهانة طوال الطريق حتى أوصلوه دار المحافظة ، فلما رأى المحافظ شدة تمسكه وإيمانه ورفضه لمشوراتهم حكم عليه بما حكم القاضى سابقاً فجروه على وحهه من أعالى سلالم المحافظة إلى أسفل حتى تشوه وجهه وصار القضاء عليه أمام محفل الجمع أن يضرب خمسمائة كرباج فى ميدان المحافظة حتى غاب عن الوعى ، فطرحوه على الأرض ومضوا ، ثم لما أستفاق أعادوا الكرة عليه حيث جروه فى شوارع المدينة ليحصل له الجرسة كون المفتى أصدر فتوى بقتله .
ثم لما وجدوه قد أعى من التعذيب طرحوه فى وكالة الأحباش الخربة ومضوا وتركوه فى نزاع الموت .
صبره وتمسكه بإلهه
فى اليوم الرابع أعادوا الكرة عليه حيث عروه من ثيابه بقصد الأستهزاء ومروا به فى شوارع البلدة وألبسوه كرشة خروف من رأسه ، ولطخوا جسده بالأوحال وعلقوا فى رأسه مقشتين ملوثتين بالقاذورات وكلابين حديد فى جنبيه بهم قطع لحم وربطوا كلبين وقطة فيه ليتعاركوا ويهمروا فى لحمه .
وأركبوه على جاموسة بالمقلوب ( كان أحد الجزارين يزفها للذبح ) وعلقوا على لحيته صليباً لوثوه بالقاذورات ، وصاروا يزفونه فى كل البلدة كأنه للذبح !! وكانت البلدة أشبه بمسرح للطائشين . ولم يكفوا عن الضر بالعصى والسياط والأحذية حتى برز لحمه من عظمه والقديس فى كل ذلك صابر غير متذمر لا ينطق بشئ سوى أنه كان يصلى قائلاً : " يا طاهرة .. يا يسوع " .
وبعض من الواقفين كانوا يستهزئون به قائلين : " هوذا ينادى امرأته " .
تورط المسئولين فى قضيته
أما جماعة المسئولين ومنهم الشيخ على خفاجة والشيخ البدرى رئيس الجمهور والقاضى وبقية علماء المسلمين والتجار الذين كانوا بديوان المحافظة نزلوا وجلسوا على باب الحمزاوى بناحية السوق لكى يتفرجوا على هذه العجيبة ولم يقوموا بدورهم كمسئولين ، ولم ينتهروا الجمع الطائش ليكفوا عن الخطأ .... بل تركوهم ثائرين فى الشوارع والحارات يشتموا المسيحيين ويرجمون بيوت القناصل بالأحجار وضربوا أحد أبنائهم ويهاجمون الوكالات والحانات .
مما أثار سخط هؤلاء الأجانب ، فشكوا إلى حكوماتهم ووصلت الأخبار بسرعة إلى الأسطول الإنجليزى المرابط بشواطئ البلاد منتهزاً أية فرصة للتدخل ... ولم يفكر أولئك المسئولون أن وجودهم هكذا فى مكان الشغب سيعرضهم للمساءلة ولا يعقيهم ذلك من القصاص .
تجلى السيـدة العـذراء أمام القديـس
أخيراً ساقوا القديس متوجهين ناحية منية دمياط حيث منزل أخيه فى منية دمياط ، وطرحوه أمام منزل أخيه متجمهرين عند الباب ينتظرون فتحه لينهبوا المنزل ، وبقى الرجل مطروحاً على الباب مقدار ساعتين حيث تقدم أحدهم المدعو عبده مشرفة وصنعته خشاب ووظيفته يوزباشى بالرديف ، لما رأى القديس فيه نسمة الحياة أحضر قطران فى القدر من على النار ورشه فى وجه القديس وأمام هذه الأتعاب الكثيرة التى لا يقدر على تحملها بشر تجلت السيدة العذراء أمام عينى القديس فى صورة نورانية .
وقد كان القديس طوال وقت أستشهادة يناديها ويتشفع بها وكانت معه طوال عذاباته ، وكان الشهيد فى الروح ولم يدر بما يتكلم فطلب من صديقه مليكة الذى كان بالقرب منه أن يحضر كرسياً من الحديقة المجاورة لتجلس عليه السيدة العذراء ولم يكن يتكلم من ذاته بل تكلم مسوقاً من الروح القدس ، وكان ما تكلم به إنما هو نبؤة تمت فعلاً .
نيــاحتـــه
نبؤة سيدهم بشاى تتم
كان القديس وهو ممتلئ بالروح القدس في حالة هيام روحي وقد نسى آلامه في ساعة أحتضاره فتكلم بنبوة تمت بحذافيرها ، حيث تحولت هذه المنطقة التى أستشهد فيها إلى كنيسة على اسم السدية العذراء وقد ألت إلى الأقباط الأرثوذكس منذ عام 1968م بعد أكتشاف جسده المبارك وقد تم توقيع العقد الإبتدائى لملكية هذه الكنيسة فى 29/10/1969م ثم سجل العقد .
وقد صدر القرار الجمهورى ببنائها بعد ذلك بقليل حيث أنه بعد خروج جسد القديس بنحو ستة أشهر ، رسم قداسة البابا كيرلس السادس أول أسقف على إيبارشية دمياط ودير القديسة دميانة وبلاد الغربية وهو المتنيح الأنبا أندراوس ، وقام بتجليسه بعض الأساقفة الأجلاء بهذه الكنيسة عينها وفى نفس المكان الذى شاهد فيه القديس السيدة العذارء رغم ما حدث من عقبات كثيرة كانت تمنع تحقيق ذلك ، ولا يخفى أن كل ذلك تم بشفاعة القديس حيث كنا قد أسرجنا ثلاث شمعات أمام جثمانه قبل حدوث ذلك طالبين شفاعته .
بعد هذه الآلام المروعة التى كابدها قديسنا والتى أستمرت نحو أربعة أيام أسلم روحه الطاهرة بيد الرب الذى أحبه وكان هذا ساعة طهور السيدة العذراء أمامه وقت أستشهاده حسب طلبه ، فحملوا جسده الطاهر إلى منزل أخيه حيث ظل هناك حتى انتهى الشغب الحادث .
شكوي قناصل الدول
لسوء الطالع ولسبب مرض محمد على باشا في أواخر أيامه حيث أعتكف في قصره بشبرا ... حدث إن أتصل قناصل الدول المقيمين بالثغر بالأسطول الواقف في عرض البحر فانتهزت هذه الدول فرصة سانحة وأرسلوا باخرتين حربيتين إلى ثغر دمياط ، لكن الخديوي أسرع وأرسل مندوباً رسمياً للتحقيق وهدأ خواطر القناصل وقد أسفر التحقيق على إدانة المحافظ ( رغم أنه كان من المقربين للبلاط ) والقاضى والشيخ البدرى وتجريدهم من مناصبهم كي يعود السلام إلى المدينة .
تشييع جنازة الشهيد رسمياً
ولحكمة الخديوى أراد تهدئة النفوس فأمر بتكريم الشهيد سيدهم فى كل أنحاء البلدة وتشييع جنازته رسمياً ، وأصدر أمره برفع الأعلام والصلبان فى جنازته .. وقام بالأحتفال جميع الطوائف وتقلد الكثيرون الأسلحة وسار الموكب فى حراسة جمع غفير من الجنود ، ولبس الكهنة ملابسهم الكهنوتية وعلى رأسهم القمص يوسف ميخائيل وطافوا فى كل البلدة مع لفيف من الشمامسة حتى وصلوا به إلى الكنيسة حيث أتموا مراسيم الصلاة ودفنوه بأرض كنيسة مارجرجس التى كانت ما تزال مدافن الأقباط ( أستمرت كمدافن حتى سنة 1910م تقريباً ) وقد شوهد عموداً من نور يسطع فوق مقبرته وقد حضر كثيرون وكانوا يأخذون من تراب القبر ويشفون من أمراضهم بصلاته .
التصريح برفع الصليب جهاراً
كانت هذه الحادثة سبباً فى رفع الصليب جهاراً كما رفع فوق قباب الكنائس فى كل مكان وفى جنازات المسيحيين حتى اليوم وفى المناسبات الدينية وليس فى دمياط وحدها بل على مستوى الكنيسة كلها . وقد حدث في أيام البابا كيرلس الرابع , بعد رجوعه من رحلة بلاد الحبشة سنة 1858م , استقبله الشعب استقبالاً عظيماً , ودعاه الأرخن الكبير ميخائيل 0 عمدة أقباط حارة السقايين إلي منزلة , وبعد ذلك خرج البابا إلي الكنيسة بموكب حافل سار فيه الإكليروس رافعين الصليب ولأول مرة بالقاهرة ! وحدث نفس الشيء بعد ذلك بقليل حين استقبل أول مطبعة دخلت مصر حيث رفع الصليب والهتاف بالألحان إلي دار البطريركية بالدرب الواسع ..
فاعترض كثيرون علي رفع الصليب , وذكروا الأمر إلي سعيد باشا , الذي استدعي البابا البطريرك وسأله عن سبب ذلك ؟ فأجابه : إن هذا احتفالاً دينياً معتاداً , وأما رفع الصليب فقد تصرح به منذ أيام حادثة بشاي الشهيد الدمياطي , وصرح به والي البلاد محمد علي باشا 0
نقل جثمان القديس سيدهم بيشاى إلى مقبرة أخرى
كانت كنيسة مارجرجس مبنية داخل مدافن الأقباط وكانت عبارة عن كنيسة صغيرة أشبه بقاعة وهى تعتبر الكنيسة الوحيدة التى تبقت للأقباط فى هذه المدينة ، لكن الكنيسة الجديدة قد بنيت قبل إلغاء المدافن تماماً فى سنة 1875م فأحتاج الأمر إلى هدم بعض المدافن القديمة وجمع بقايا العظام فى حجرة ملحقة قبلى الحديقة ، وضمن ما هدم كانت مقبرة عائلة بشاى القديمة التى كانت فى وسط الحديقة البحرية حيث وجدوه آنذاك كما هو لم يتحلل ، فنقلوه بدهشة مع جسد بانوب فرح إبراهيم ووضعوهما فى مدفن صغير بمفرده بجانب حجرة المعضمة خلف سكن الكاهن الجديد بالكنيسة ( وهى التى وجدناه مدفوناً فيها ) , وقد أشتكى بعض المواطنين إن الأقباط هدموا مدافنهم وحولوها إلى كنيسة فقامت لجنة بالتحقيق فلما حفروا فى بعض الأجزاء بالحديقة وجدوا العظام كما هى مدفونة بالتربة وأما عن الكنيسة فقد أطلعوا على فرمان قديم من سنة 1685م كان قد صدر من الوالى العثمانى بفتح الكنيسة رسمياً بعد وفاء ضريبة كانت مطلوبة من الأقباط .
تمجيد فوق مقبرة الشهيد
ظل الجسد مدفون بالمدفن الملحق بحديقة الكنيسة مدة طويلة وربما نسيت دمياط شهيدها ، ولكن قلة من الخدام وفى أزمنة متباعدة كان الله يلهب قلوبهم بمحبة الشهيد وإكرامه فكانوا يضعون إكليلاً من الزهور فوق مقبرته في ذكرى عيد أستشهاده . ولحسن المصادفة فقد شهد نيافة الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة والواحات مثل هذه الاحتفالات وكان يقيمها في أثناء وجوده بالمدينة بجهاز المحاسبات قبل رهبنته وأسقفيته 0 وقد هيأت نعمة الله أن يرسم كاهناً علي هذه الكنيسة سنة 1966م ووضع الله في قلبه أن يبحث عن أجساد القديسين , وقد تهيأ كشف أنبوبة مارجرجس المزاحم قبل مارسيدهم بنحو 3 أشهر شجعتنا علي أن نجد البحث عن قديسنا مارسيدهم , حتى حدث ذلك بإرادة الله 0
تصدع سور الكنيسة البحري
حقاً إن لكل شئ تحت السماء وقت وإن كان الله يطيل أناته علينا فهو لأجل منفعتنا وخلاصنا ، ولقد حان الوقت الذى أراد الله فيه أن يكرم قديسه إذ كان السور البحرى للكنيسة قد تصدع وخشية أن يهدم أشاروا على المتنيح الأستاذ ألفونس نقولا ناظر الوقف أن يسرع بترميمه وكان ذلك يحتاج بحسب أمر مجلس المدينة أن نرجع بالمبنى إلى الخلف بنحو سبعة أمتار بطول السور وإلا فقد أشار المهندس بإمكانية بناء عمارة فى ذلك المكان لتغطية أحتياج المدينة ، وبالفعل أخذنا تصريحاً ببناء العمارة وكان الأمر يحتاج إلى كمية كبيرة من الردم لتعلية المكان فاقترحوا أن يهدموا الخرابات القليلة للكنيسة ليستفيدوا من الردم وقد حدث ذلك فى يوم واحد فانكشفت المقبرة الخاصة بالشهيد وهى فى نفس المكان الذى كان الخدام يحتفلون فيه بعيد الشهيد وظهر جثمان الشهيد .
جسد القديس كامل ببهائه
ظهر جسد الشهيد وكان مظهره يوحى بأنه حى فكان أول جثمان شهيد فى ذلك الزمان يخرج إلى النور بكامله هكذا ، لقد كانت علامة قوية وواضحة لأول وهلة فتم حمله وإدخاله إلى داخل الكنيسة بسرعة إذ كان السور البحرى مهدوماً والكنيسة مكشوفة للمارة فى الشارع ، وقد وجد جسده متماسكاً تماماً ولم يفقد شيئاً لدرجة إمكانية إيقافه على قدميه وكان لونه مثل لون البشرة العادية عدا ما تهشم من وجهه نتيجة السحل على الأرض أثناء تعذيبه وقبل نياحته ولولا أن قام أحد الأساقفة الزائرين بتطيبه بأطياب حارقة للبشرة لما تغير لونه إلى اللون الأسود ... ظل الجسد موضوعاً على ملاءة كبيرة فى صحن الكنيسة التى كانت تقدم فيها الصوات مرة واحدة فى الأسبوع فقط . فمكثت نحو أسبوع هكذا إلى أن قاموا بفحصه تماماً فى تكتم شديد . وكان ذلك فى عهد مثلث الرحمات الأنبا تيموثاوس .
تحقيق اكتشاف الجسد
تكونت لجنة لفحص جسد الشهيد بإشراف كاهن الكنيسة وللتأكد لمطابقته كما جاء بالمخطوطة فأسفرت التحقيقات عما يلى
1- شوهدت آثار كدمات وتشوهات في الوجه نتيجة سحله على الأرض .
2- التواء بالوجه ناحية اليسار وارتفاع في الكتفين بطريقة نتيجة سكب القطران المغالى على رأسه ويبدو أنه تنيح على هذه الحالة مباشرة .
3- خروج جثته من داخل المقبرة عريناً تقريباً ولم يتبق سوى سترة بسيطة من ستر مذهب يبدو أنه كان ملفوفاً فيه بعد نياحته ، كما تذكر القصة أنهم جلدوه وطافوا به عرياناً وقد قدم هذا الستر المذهب ولف به على مثال الشهداء الوطنيين عندما كرموه .
ويبدو أنهم وضعوه فى تابوت فخم لم يتبق منه سوى الجزء الأسفل تحت ظهره وهو عبارة عن خشب متين يبلع سمكة حوالي 2 بوصة .
4- وجدت آثار تقطيع فى فروة الرأس وكذا لحيته اليسرى وشاربه كأنه باليد .
5- شوهد بعض حروق فى أجزاء مختلفة من الجسم على شكل سيور نتيجة سكب القطران عليه.
6- ظهور آثار الكلاليب الحديد فى جنبيه على هيئة فتحات صغيرة .
7- لوحظ أن طول قامته وكبر عظامه تدل على ضخامة جسمه فى الوقت الذى فيه الرقبة قصيرة جداً تكاد تختفى وهى سمات هذه العائلة .
8- وقد حضر هذا الفحص بعض أقربائه وكانوا لا يزالون على قيد الحياة وأقروا بقرب الشبه جداً من سماتهم .
9- مكان المقبرة هو نفس المكان الذى إحتفل فيه الخدام بعيده تكريماً لجسده على مر الأعوام .
إكتشاف مخطوط يحكى قصته
ولم ينس الناس ما حدث للقديس سيدهم بيشاى ، بل أخذوا يتحدثون بعظمة الشهيد وتحمله ألوان العذاب بجلد وقداسة . وظلت بعض تفاصيل هذه الحادثة فى مخيلة البعض منهم ... وقد عثرنا على خطابين أثريين دونت فيهما هذه الحادثة .
1- الخطاب الأول :
عبارة عن سرد قصة أستشهاده مكتوبة بخط واضح قديم ، وقد ذكر جناب الأب المتنيح ميخائيل سيداروس أن والده كان قد كتب هذا الخطاب ، ويبدو أن والده القمص يوسف ميخائيل هو الذى قام بكتابته حين طلب إليه أن يكتب تقريراً يقدم للبابا البطريرك ونسخة منه يقدم للوالى . غير أنه ذا أسلوب مهذب مملوء بالروحانية وقد أخذ نصه المؤرخ كامل صالح نخلة ونقله فى كتاب السنكسار تحت اليوم 17 برمهات وهو عبارة عن صفحة ونصف فقط .
2- الخطاب الثانى الآثرى :
عبارة عن أربعة صفحات كبيرة موجهة إلى جناب والى البلاد الخديوى ، وربما يعتبر تسويده فيه بعض الشطب مجمعة من تقارير عدة طوائف تحوى قصص عن الأرمن والروم الأقباط . غير أنه واضح أن كاتبها ليس هو رجل دين لأن فيها ألفاظ لا تليق وشتائم ، لكنها على أي حال وجدت في منزل المتنيح القمص ميخائيل منذ أيام جده وفيها يصف الكاتب ظروف هذه الحادثة بالتفصيل ... وقد قدم تقرير مفصل للبابا بطرس الجاولى سنة 109م كما قدمت نسخة لجناب الخواجة ميخائيل سرور القنصل وبواسطتها قدم تقريراً إلى والى البلاد محمد على باشا .
الشهود الأوائل بعد اكتشافه
بعد التثبت من مطابقة أوصاف الشهيد لواقع القصة , قمنا بإخطار البابا كيرلس السادس نيح الله نفسه وسلمناه نسخة من الخطاب الأثري فقام بإرسال لجنة لتقصي الحقائق عن هذا القديس , ورجعت اللجنة مٌقرة بما قمنا به بعد أن سلمناها قصة مختصرة لحياة القديس 0 وقد زاره في نفس العام نخبة من الآباء الأساقفة الأجلاء والكهنة وباركوا علي هذا العمل نذكر منهم :
نيافة الأنبا تيموثاوس مطران الأيبارشية الأسبق 0
نيافة الأنبا اندراوس أسقف الأيبارشيـة الراحـل 0
نيافة الأنبا لـوكـاس أسقـف منفلـوط المتنيــــــح 0
نيافة الأنبا ديسقورس أسقف المنوفيـة المتنيــح 0
نيافة الأنبا مكسيموس أسقف القليوبية وقويسنا 0
نيافة الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة والواحات 0
نيافة الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان 0
نيافة الأنبا فيلبـــس أسقـف الدقهليــــــة 0
نيافة الأنبا رويـــس الأسقــف العــــــــام 0
نيافة الأنبا أغابيوس المتنيح .
نيافة الأنبا بفنوتيوس أسقف الزقازيق 0
نيافة الأنبا مرقـس الأسقــف العـــــــام 0
وعلي رأسهم جميعاً قداسة البابا شنودة الثالث الذي بارك دمياط بمجيئه عدة مرات قبل سيامته بطريكاً00 هذا إلي جانب عدد كبير من الآباء الكهنة بزيد علي المائة وقد زار دمياط في الآونة الأخيرة أساقفة فرنسا , وزارها بعض الكردينالات الفرنسيين , وأساقفة الروم , وبطريرك الروم الأرثوذكس 00 كل هؤلاء حضروا وتباركوا بجسد الشهيد وكان بكنيسة مارجرجس حيث مكث هناك إلي أواخر سنة 1972م 0
أخبار أنبوبة الشهيد اليوم
فى عهد نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى حفظه الله لنا قمنا بنقل أنبوبة الشهيد سيدهم بيشاى إلى كنيسة السيدة العذراء بميدان سرور حيث وضعت فى مكان استشهاده في مقصورة بداخل صندوق كبير له غطاء زجاجي حتى يتيسر لكل أحد رؤيته والتبرك منه . وهذا المكان قد شاهد فيه القديس السيدة العذراء أمامه متجلية ولا يزال تعمل له التذكارات والاحتفالات في كل سنة برعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى .
معجزات باسم الشهيد سيدهم بشاي
1- ظهوره لأحد الأخوة
كانت هناك مسبحة فى يد الشهيد وقدمت هدية لأحد الآباء الأساقفة من بعد أحتفاله بتدشين الجسد المبارك وأخذها أحد الأخوة ليتبارك بها وفكر فى أن يأخذ منها حبة بدون علم الأسقف فما لبث أن رأى أمامه رجلاً طويل القامة يأمره بإرجاع المسبحة إلى نيافة الأسقف ويتوب عما نوى عليه ، فمضى إلى الأب الأسقف واعترف بما كان منه فعرفه أنه القديس سيدهم بيشاى الذى ظهر له .
2- شفاء كاهن الكنيسة من مرضه
ذات مرة دخل أحد كهنة الكنيسة وكان مريضاً وكان معه أحد الضيوف قاصدين التبرك بجسد الشهيد ، وقبل أن يغادر الكنيسة كان قد برئ من مرضه . كانت هذه الحادثة فى فجر أكتشاف جسد القديس وكان الأب الكاهن قد جعل شفاؤه مشروطاً للتأكد من صدق أكتشافه .
3- صعود البخور من أنبوبته
فوجئت إحدى السيدات أثناء دخولها الكنيسة للصلاة ببخور يتصاعد من أنبوبة الشهيد ولم تكن تعلم عنه شيئاً ، فخافت ومضت ودعت قيم الكنيسة فأخبرها بأن هذه الأنبوبة بها جسد الشهيد سيدهم بيشاى ... فشكرت الله وبعدها قدمت مقصورة الشهيد الخشبية التي وضع بها إلى هذا اليوم .
4- شفاء أحد المؤمنين من حصوة مزمنة فى نوفمبر 1975م
كان الأستاذ نسيم عزيز أسكندر يتوجع من مغص حاد يعاوده كثيراً ، ولما سمع بمعجزات القديس حضر مع زوجته لزيارته والتبرك به ويبدو أنه شعر أن المرض لن يعاوده ، ولكن فجأة ألم به مغص حاد أشد من الأول استعصى على الدواء والمسكنات وظل الألم يؤرقه كمسمار حاد جعله يتلوى فضلاً عن احتباس البول .
فقالت له زوجته ، لماذا تركك القديس سيدهم بيشاى أما هو فأجاب : " كلا لم يتركنى " ، وبينما توجهت زوجته لقضاء بعض حاجياتهم من السوق شعر الرجل برغبة في التبول ، وأثناء ذلك فوجئ بسقوط زلطة كبيرة اندفع بعدها البول بشكل طبيعي ، وما كاد يستريح قليلاً حتى مضى يبحث عما سمعه يسقط منه فأكتشف أنه حصوة كبيرة تكبر حجم الفولة وهى التى كانت سبب البلاء كله ، فحملها وهو يشكر الله الذي تمجد سريعاً في قديسة سيدهم بيشاى وجاء إلى الكنيسة مجاهراً بالمعجزة ومقدماً التمجيد لله أمام جميع المؤمنين وموفياً نذوره .
5- معجزة لأحد الأطفال المرضى الذين زاروا القديس
بعد ولادة الطفل فادى فى 28/1/1979م لاحظنا أن العين اليمنى له تذرف الدموع والعماص الأخضر بغزارة شديدة ... تستدعى عرضه على أخصائي العيون فوراً فتم ذلك ، وبعد أن فحصه وجد أنه مصاب بانسداد في القنوات الدمعية للعين اليمنى .
ونصحنا بإجراء عملية توسيع عندما يبلغ من العمر عاميين ، وشاءت العين الإلهية إثناء تواجدنا بمصيف راس البر أن توجهنا وبالتحديد يوم الأربعاء أول أغسطس سنة 1979م إلى دمياط حيث جسد القديس سيدهم بيشاى وتشفعنا به لشفاء الطفل .. وبعد عودتنا إلى القاهرة لاحظنا شفاء فادى وتوجهنا للدكتور للتأكد من شفاءه فقرر أنه قد شفى تماماً وبطريقة معجزيه . وهذا كله تم ببركة القديس سيدهم بيشاى .
6- فى سنة 1987م حدثت معجزة مع أحد رجال الكنيسة
مرت على أيام طويلة وأنا أشكو من ألم حاد فى كعب رجلى اليسرى كلما وقفت وأخذ الألم يتزايد يوماً بعد يوم ، وعرضت نفسى على الأطباء فقرروا أن هذا الألم نتيجة " داء النقرس " وكنت أحدث نفسى كيف أصابنى هذا المرض وأنا لست من فئة العظماء كما يقولون ؟!
ورغم مداومتى على استعمال الأدوية التى كان يصفها الأطباء إلا أن المرض كان يزداد ... وكلما كنت أرى أحد الرجال الذين يرتكزون على عصا غليظة ليخففوا من قوة الإرتكاز على الكعب كنت أشعر أننى سيأتى اليوم الذى سيكون حالى ليس أحسن من حالهم .
وقد حدثنى أحد الأصدقاء وكان يعمل مديراً للجهاز المركزى للمحاسبات بمحافظة دمياط أنه كان يشكو من حصوة فى المثانة فالتجأ إلى القديس سيدهم بيشاى بطلب صلاته فما كان إلا أن سقطت هذه الحصوة أثناء التبول .
ولكننى لم أخذ هذا الحديث على محمل الجد ، ويظهر أن القديس أراد معاتبتى ويظهر لى محبة المسيح التى ملأت قلبه .. وفى إحدى الليالى وكنت أشكو من شدة الألم ثم أخذتنى فترة من النوم وإذا بالقديس يحضر لى ويبادرنى كيف حالك ؟ ومما تشكو ؟ فشرحت له شدة الأم الذى أعانيه فأخذ قدمى بين يديه ودلكها تدليكاً خفيفاً وقال لى خلاص لن يعاودك الأم ، وفعلاً أستيقظت صباحاً وتذكرت هذه المقابلة فقمت من فراشى وأنا فى وجل أن أضع قدمى على الأرض إلا إننى قلت لنفسى أما أشوف وإذ بى أقف وقد ذهب الألم وتجولت بين الحجرات فلم أشعر بألم وغادرت المنزل وأنا فرح وأمجد الله وتوجهت إلى الكنيسة لأقدم شكرى لله وللقديس الذى وضع الله فى يده شفائى .
وبعد أسبوع عادنى ليلاً كما عادنى فى المرة الأولى وسألنى كيف الخال ؟ فشكرته وأجبته بأن الألم لم يعد يعاودنى ، فقال لى إذهب إلى الكنيسة وأبحث عن جرن اللقان تجد به قليلاًَ جداً من الماء لا زال موجوداً به فخذه وضع ماء عليه وأستحم به . وفعلاً ذهبت إلى الكنيسة وأخبرت أبينا الفاضل القمص بولس إبراهيم فقال لى لا مانع وفعلاً وجدت بالجرن ما يقرب من فنجان ماء وأكملته بماء واستحممت به وقد مضى على ذلك ما يقرب من الثلاث سنوات لم يعاودنى أى ألم . وبذلك غادرنى الألم نهائياً بصلوات هذا القديس ،
بركة صلاته تكون مع جميعنا آمين
+++