أقام القديس أنطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة أطفيح بديار مصر مدة ثلاثة أيام وبنى له قلاية صغيرة وهو قريب من وادى العربة وكان فى ذلك الوقت رجل علمانى ( شيخ كبير ) يقال له بولا ( بولس ) كان ساكنا فى مدينة اطفيح . وحث انه ماتت زوجته فتزوج أمرأة صبية وكان له خيرات و أموال كثيرة كان قد وراثها فدخل يوم من الأيام الى بيته فوجد احد خدامه على السرير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه أيتها المرأة ومبارك له فيك اذا اخترتيه دونى ثم أخذ عباءته عليه ومضى هائما على وجهه فى البرية الداخلية وبقى محتارا تائها زمانا طويلا الى ان اتفق انه وقف على قلاية القديس الأنبا انطونيوس فقرع باب القلاية فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب لأنه لم يكن بعد قد رأى انسانا بهذه الصفة فسلم على القديس وسجد له على الأرض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح ثم جلس عند القديس اربعين يوما ملازما الزهد الكامل والوحدة الصعبة . فلما كمل له اربعون يوما قال له القديس : يابولس أذهب الى حافة الجبل وتوحد وذق طعم الوحدة . فمضى بولس كما امره وعمل له مثل مربط شاة وفى غصون ذلك احضروا الى القديس أنطونيوس رجلا اعتراه روح من الجن . فلما نظره القديس عجب منه ثم قال للذى احضره : اذهب الى القديس بولس يشفيه لأنى عاجز عنه . وهذه هى أول تجاربه فعملوا كما امرهم القديس وأحضروه بين يدى القديس بولس . وقالوا له معلمك الأب انطونيوس يأمرك ان تخرج هذا الشيطان نت هذا الأنسان . فلوقته أخذ الرجل المريض وخرج الى خارج الجبل وكان الحر شديدا وكانت الشمس مثل وهج النار العظيم . فقال : ياشيطان أستحلفك كما أمرنى معلمى انطونيوس أنك تخرج وأذ بدأ العدو الشيطان يتكلم على لسان الأنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول : من هو انت ومن هو معلمك انطونيوس المختال الكذاب . فقال له بولس : انا اقول لك ايها الشيطان أن تخرج من هذا الأنسان وان لم تخرج انا اعذب نفسى ثم طلع القديس بولا على حجر كان يتقد كأنه جمر نار وأخذ حجر أخر على رأسه وقال : بأسم يسوع المسيح وبأسم صلوات معلمى مار أنطونيوس العظيم انى ساظل هكذا الى ان اموت ولابد ان اعمل طاعة معلمى وتخرج ايها الشيطان كما امر معلمى . وبقى هكذا واقفا والعرق يتصب منه كانه مطر ونذف الدم من فمه وانفه والناس حوله مندهشون فلما راى الشيطان ذلك صرخ بأعلى صوته وقال : العفو العفو ! والهروب الهروب من شيخ يقسم على الله بزكاوة قلبه لقد أحرقتنى بساطتك ثم خرج من ذلك الأنسان وصرخ السيطان أيضا قائلا : يابولا لاتحسب أنى خرجت من اجل دمك وخروجه ( أى نزف دمه ) لكن احرقتنى صلاة انطونيوس وهو غائب ولما سمع الحاضرون تعجبوا .
بركة صلواتهم تحفظنا امين